منهج إعمال الاجتهاد المقاصدي في المعاملات المالية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

منهج إعمال الاجتهاد المقاصدي في المعاملات المالية

                                              

    إن مقاصد الشريعة في المعاملات المالية ممثلة للفلسفة الإسلامية للمعاملات في الإطار الجامع الناظم لمختلف فروعها، بينما تعتبر الأحكام الفقهية التفصيلية لمختلف الأبواب والمتعلقة بالعقود وشروطها والتي تنشأ عنها الصحة والبطلان بمنزلة التشريعات،[1] وقد عدّ العلماء المال أحد الضرورات الخمسة، ومقصدا من المقاصد الكلية التي جاءت الشريعة الإسلامية لحفظها.

    وفصّل علماء المقاصد طرق حفظه من جانبين: جانب الوجود ويقصد به جلب المنافع، وجانب العدم ويقصد به دفع المفاسد والمضار، وقد حدد الطاهر ابن عاشور رحمه الله المقصد الشرعي للمال في خمسة أمور حيث قال: "والمقصد الشرعي في الأموال كلها خمسة أمور: رواجها، ووضوحها، وحفظها، وثباتها، والعدل فيها. فالرواج: دوران المال بين أيدي أكثر من يمكن من الناس بوجه حق، وأما وضوح الأموال: فذلك إبعادها عن الضرر والتعرض للخصومات بقدر الإمكان، وأما حفظ الأموال: فأصله قول الله تعالى: (يأيها الذين ءامنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) النساء:29، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)...، وأما إثبات الأموال فأردت به تقررها لأصحابها بوجه لا خطر فيه ولا منازعة، والعدل فيها؛ فذلك بأن يكون حصولها بوجه غير ظالم، وذلك إما أن تحصل بعمل مكتسبها، وإما بعوض مع مالكها أو تبرع وإما بإرث."[2]

    وقد لقي باب "المقاصد" عموما اهتمام علماء الأمة قديما وحديثا، حتى شكلّت المقاصد مشروع إحياء الأمة وروح الشريعة الإسلامية وضمان استمرار صلاحيتها لكل زمان ومكان، ومن المعلوم في تاريخ الفكر الإسلامي أن عددا كبيرا من علماء الأمة أسهموا في فتح باب واسع لفهم الشريعة وفقهها والتطلع إلى أسرارها وحكمها، وأسسوا بذلك منهجا علميا رصينا للتعامل مع مقاصدها وغاياتها، ثم استقر الوعي المنهجي بعد ذلك بضرورة تجديد العقل المقاصدي وإحياء دوره الاجتهادي في مواكبته لتحقيق مصالح الناس حتى عصرنا هذا.

    فظهر ما يسمى بالاجتهاد المقاصدي والذي يعدّ بمثابة الرابط بين الشرع والأزمات الحضارية التي تعاني منها الأمة الإسلامية، فإذا نظرنا إلى تعريف الاجتهاد المقاصدي فإننا نجد أنه: "العمل بمقاصد الشريعة والالتفات إليها والاعتداد بها في عملية الاجتهاد الفقهي"،[3] أي استحضار مقاصد الشريعة في عملية استنباط الحكم الشرعي للنوازل وما استجد من أمور الأمة في كافة مجالات الحياة.

    ولاستحضار مقاصد الشريعة في الممارسة الاجتهادية الفقهية أهمية كبرى تتمثل فيما يلي:

1.        الاستنارة بها في معرفة الأحكام الشرعية الكلية والجزئية من أدلتها الأصلية والكلية.

2.       الاستعانة بمقاصد الشريعة في فهم النصوص الشرعية وتفسيرها بشكل صحيح عند تطبيقها على الواقع.

3.    الاسترشاد بمقاصد الشريعة عند تحديد مدلولات الألفاظ ومعانيها، لتعيين المقصود منها، لأن الألفاظ والعبارات قد تتعدد معانيها، وتختلف مدلولاتها، فتأتي المقاصد لتحديد المعنى المقصود منها.

4.     الرجوع إلى مقاصد الشريعة عند فقدان النص على المسائل والوقائع الجديدة، فيرجع المجتهد والفقيه والقاضي إلى مقاصد الشريعة لاستنباط الأحكام بالاجتهاد والقياس والاستحسان والاستصلاح وغيرها بما يتفق مع روح الدين ومقاصد الشريعة وأحكامها الأساسية.

5.   إن مقاصد الشريعة تعين المجتهد على الترجيح عند تعارض الأدلة الكلية أو الجزئية في الفروع والأحكام.

هذه الأهمية تحتم على المجتهد والباحث أن يضع مقاصد الشريعة دليلا أصليا في النظر للأدلة الفرعية والتعامل مع المستجدات، وتعينه على الوصول إلى الرأي الأقرب للصواب.[4]

    فالمقاصد لها أثر بالغ في ترشيد وتوجيه الفتوى الشرعية لاسيما في الحكم على مستجدات المعاملات المالية، وقد اعتمد الفقهاء المجتهدين استصحاب مقاصد الشريعة في عملية الاجتهاد وتنزيل الأحكام على المستجدات لما رأوا في ذلك من أهمية في مجال المعاملات المالية باعتبارها قوام أعمال هذه الأمة وقضاء نوائبها. وكما هو معلوم أن باب التصرفات المالية باب واسع وقضاياه كثيرة ومتنوعة، ويكثر فيه النوازل حسب تطور كل عصر، فكان لزاما على مجتهدي الأمة من وضع منهج مُحكم في تنزيل الأحكام على الوقائع في ضوء ما قررته الشريعة من مقاصد في هذا الباب.

    وهذه الرؤية المقاصدية في تنزيل الأحكام رؤية دقيقة، يقول الشيخ عبد الله بن بيه في كتابه مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات: "في هذه النماذج نحاول تقديم رؤية فيها من خلال المقاصد بميزان المصالح والمفاسد، وهو ميزان قد يجور ويحيف إذا لم نحسن وضع الصنجة في الكفة، وذلك: أولا: بإيجاد حكم اجتهادي في محل غير منصوص عليه لدى الفقهاء المتقدمين. ثانيا: ترجيح قول ضعيف على قول قوي بسبب ظهور دليله، أو كثرة القائلين به، وهذا الترجيح يعتمد على قوة المقصد في الوقت الحاضر".[5]

    فعملية الاجتهاد المقاصدي عملية دقيقة تحتاج لمنهج دقيق ورصين حتى تنتج لنا أحكاما لها مستند شرعي وأصل ديني، وبعيدة عن الهوى، ولذلك يمكن رسم المنهج الذي يعتمده المجتهدون في هذا الباب وتصوره فيما يلي:

  •       الإستعانة بالمقاصد في استنباط أحكام المستجدات المالية:

إن المستجدات التي لا تندرج تحت نص معين، وقياس محدد، لابد من البحث عن حكمها من خلال المقاصد، وذلك بأن يتأمل المجتهد في مجموع المقاصد التي جاءت بها الشريعة، فيرسم له موجهات كلية، ومبادئ عامة، يستطيع في ظلّها استنباط الحكم المناسب لتلك القضية المستجدة.[6]

    يقول الدكتور أحمد الريسوني: "يلزم الفقيه والمجتهد والمستنبط، أن يكون مستحضرا على الدوام أن كل شيء من الشريعة له مقصوده ومرتبط بمقصوده وتابع له، فسواء تعلق الأمر بلفظ من ألفاظ الشريعة، أو نص من نصوصها، أو قاعدة من قواعدها، و حكم من أحكامها، مستخرج منها، أو مخرّج على أصولها الجزئية أو الكلية، ففي كل ذلك مقاصد مطلوبة للشارع لا يستقيم شيء من الشريعة إلا بها".[7]

    وفي مجال الأموال ينبغي الاستعانة بمقاصدها من الضرورية والحاجية والتحسينية، فحفظ المال من الضرورات الخمس التي حث الشارع على حمايتها والحفاظ عليها، وهو ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره، وهو الوسيلة الأساسية التي تساعد الناس على تأمين العيش وتبادل المنافع والاستفادة من جوانب الحياة الكثيرة، ولذلك كان المال مصلحة ضرورية للناس، وإلا صارت حياتهم لا قوام لها كون المال عصب الحياة. وقد شرّع الإسلام لحفظه وحمايته ومنع الاعتداء عليه أحكاما كثيرة، فحرم السرقة، وحرم أكل أموال الناس بالباطل، واعتبر العقد عليها باطلا، ومنع إتلاف أموال الآخرين وشرّع الضمان، والتعويض عن المتلف والمعتدي وغيرها. ثم هناك مقاصد حاجية في باب الأموال والمتمثلة في الرخص في بعض العقود مثل السلم، والمزارعة والمساقاة، وذلك لرفع الحرج عن الناس، ثم التحسينيات مثل تحريم الغش والتدليس والاحتكار، والنهي عن بيع الإنسان على بيع أخيه وغيرها.[8]

    فمراعاة هذه المقاصد التي جاء بها الشرع في تنزيل الأحكام على ما استجد من التصرفات المالية لها دور مهم في الخروج بالاجتهاد الصحيح والسليم.

  •       فهم النصوص المتعلقة بالمعاملات المالية في ضوء المقاصد:

    إن فهم النصوص المتعلقة بالمعاملات المالية في ضوء المقاصد يقصد به أمران:

    الأول: إدراك ما تضمنته النصوص من أحكام ومعان تدل عليها ظواهر الألفاظ ومقاصد الأحكام، فكل ذلك مراد للشارع، فكما يؤخذ الحكم من ظاهر اللفظ، فإنه يؤخذ من معناه ومقصده الذي شرع الحكم لأجله، ولا يجوز أن تهمل ظواهر الألفاظ بدعوى الاكتفاء بالمعاني والمقاصد، ولا أن تهمل المعاني المتضمنة في النصوص جمودا على ظاهر اللفظ؛ ففي هذا إهدار لمقاصد الشارع فيما أنزله من أحكام دلّ عليها بالمعاني المتضمنة في النصوص.

    ثانيا: فهم النص في ضوء المقاصد العامة وعلل الأحكام؛ لأنه لا يكتمل الفقه بدلالات النصوص إلا بفهمها وتفسيرها في ضوء المقاصد الكلية والجزئية ذات العلاقة بموضوع النص وأوجه دلالته، وأن فهم النص بعيدا عن مقاصد الشارع يؤدي إلى خلل في الفهم والاستنباط.[9]

    يقول الدكتور أحمد الريسوني: "وإذا كان تحديد المعنى اللغوي الصرف لا يحتاج إلى نظر مقاصدي أو جهد استنباطي، فإن تحديد المعنى الاصطلاحي، وبدرجة أكبر المعنى السياقي، لا يكاد يستغني عن ذلك كما هو مشاهد ومعلوم، وهنا تأتي المقاصد لتكون الموجّه الأساسي للمجتهد والناظر في نصوص الشرع وألفاظه وعباراته".[10] ففهم النص في ضوء المقاصد منهج رصين في تنزيل الأحكام.

  •       مراعاة المقاصد عند تنزيل الأحكام على ما استجد من المعاملات المالية:

    يجب عند تنزيل الأحكام الشرعية على ما استجد من التصرفات المالية في واقع الناس أن يحقق الحكم المقصد الذي شرّع لأجله، حتى يكون التطبيق على الوجه الذي أراده الشارع وتغياه، وإلا وقع التفاوت والاختلاف بين التشريع الذي يهدف إلى تحقيق مصالح معينة، والتطبيق الذي لا يعير هذه المصالح أهمية، وبالتالي فإن على الفقيه عند تطبيقه للحكم أن يراعي المقصد الذي تضمنه الحكم، كما ينبغي أن يتحقق من أن تطبيقه للحكم على هذه الواقعة لن يكون مجافيا أو بعيدا عن غاية الشارع وقصده من أصل التشريع.[11]

    هذه العملية تسمى بالاجتهاد التطبيقي أو تحقيق المناط. يقول الدكتور أحمد الريسوني في بيان هذه العملية الاجتهادية التطبيقية: "وأعني به الأحكام الاجتهادية التي يستلزمها أو يستتبعها تطبيق الحكم، ولا يكون الشرع قد نص عليها، فالحكم الأصلي هنا يكون معلوما ومسلّما، ولكن عند الأخذ في العمل به، نجد أنفسنا أمام تفصيلات تبعية غير محددة في أصل الحكم، أو نجد أمامنا عدة صور تنفيذية، لا ندري أيها المتعين، أو هل يمكننا التخير بينها...، ففي هذه الحالات يكون التعويل أساسا على مراعاة مقاصد الشرع في ذلك الحكم، لتحقيقها أو تحقيق أكثر ما يمكن منها بأفضل الصور والدرجات، وتلافي أكثر ما يمكن من الأضرار العرضية".[12]

    فلابد إذن من أن يكون الناظر في القضية المعروضة على بصيرة بحقيقتها والظروف التي تلابسها مع مراعاة مقاصد الشارع منها.

  •        اعتبار المآلات في تنزيل الأحكام على نوازل المعاملات المالية:

    الاجتهاد المقاصدي بمنهج اعتبار المآل يقصد به أن المجتهد لا يحكم على التصرف قولا كان أو فعلا إلاّ بعد أن ينظر في مآل ذلك الحكم ونتائجه، ويقدّر ما سيتمخض عنه، ثم يوظف تلك النتائج المتوقعة في تكوين مناط الحكم وتكييفه، وبعد ذلك يصدر الحكم على التصرف بالمشروعية أو عدم المشروعية، أي بالإقدام عليه أو الإحجام عنه بناء على المآل الذي اعتمده، والضابط في ذلك هو مدى اقتراب ذلك المآل من تحقيق مقاصد الشريعة، فإن وجد المآل يخرم تلك المقاصد أو يخالفها حكم على أسبابه بعدم المشروعية، أو العكس إن وجد محققا مؤيدا لها.[13]

    ثم إن اعتبار المآل قائم على أساس ملاحظة المآلات التي تتمخض عن تطبيق الأحكام الشرعية أو التصرفات المطلقة عند إرادة إصدار الحكم عليها من قبَل المجتهدين، مع توظيف تلك النتائج الواقعة والمتوقعة في تكوين مناط الحكم وتكييفه، إذ الفعل يأخذ حكما يتفق مع ما يؤول إليه، سواء أكان الفاعل يقصد ذلك الذي آل إليه الفعل أم لم يقصده.[14]

    فالمجتهد عندما يجتهد ويحكم يجب عليه أن يُقدّر مآلات ما يحكم به وأن يُقدّر عواقبه، وأن ينظر إلى مآل ذلك هل يناقض مقاصد الشرع؟ لأنه لا يجوز المصير إلى ذلك أبدا، إذ الفعل يُشرع لما يترتب عليه من المصالح، ويمنع لما يُؤدي إليه من المفاسد. ولهذا كان لاعتبار المآلات من الأهمية بمكان في منهجية تنزيل الأحكام في ضوء المقاصد الشرعية.

  •       الاهتداء بالمقاصد في الترجيح بين المصالح والمفاسد المتعارضة:

    الأصل في المسلم الحرص على تحصيل المصالح كلها، ودرء المفاسد جميعها، ولكنه أحيانا قد يجد تعارضا بين المصالح بحيث لا يمكن تحقيق مصلحة إلا بترك مصلحة أخرى، وفي هذه الحالة لابدّ من الموازنة والترجيح بين المصلحتين المتعارضتين، ليستبين أيهما الأرجح فيعمل بها، ويترك الأخرى، كما أنه قد يحدث تعارض بين المفاسد بحيث لا يمكن درء مفسدة إلا بارتكاب مفسدة أخرى، وفي هذه الحالة لابدّ من الموازنة والترجيح بين المفسدتين، ليستبين أيهما أشد فسادا ليقدم درؤها ولو أدى إلى ارتكاب المفسدة الصغرى. وقد يحدث تعارض بين المصلحة والمفسدة بحيث لا يمكن تحقيق المصلحة إلا بارتكاب المفسدة أو العكس، وفي هذه الحالة لابدّ من الموازنة والترجيح بين المصلحة والمفسدة، ليعرف أيهما أكبر من الأخرى، فإن كانت المصلحة هي الأكبر فيقدم جلبها ولو أدّى إلى ارتكاب المفسدة، وإن كانت المفسدة هي الأكبر أو مساوية للمصلحة فيقدم درء المفسدة على جلب المصلحة.[15]

    فالفقيه ينبغي أن ينظر إلى المقاصد من جلب المصالح ودرء المفاسد ويميز درجة هذه المصالح والمفاسد، فإذا أراد تنزيل الأحكام على الوقائع، يجب أن يوازن بين المصالح بعضها عن بعض، والمفاسد بعضها عن بعض. لأن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنها ترجح خير الخيرين، وشر الشرين، وتحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما.[16]

    فلا بد للمجتهد أن يسير وفق منهج الموازنة بين المصالح والمفاسد حتى يصدر حكما صحيحا للنازلة المجتهَد فيها.

  •       الاهتداء بالمقاصد في ترتيب الأولويات:

    يقصد بترتيب الأولويات في الإسلام وضع كل شيء في مرتبته بالعدل من الأحكام والقيم والأعمال، ثم يقدّم الأولى فالأولى، بناء على معايير شرعية، فلا يقدم غير المهم على المهم، ولا المهم على الأهم، ولا المرجوح على الراجح، بل يقدّم ما حقه التقديم، ويؤخر ما حقه التأخير،[17] فالقيم والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة في نظر الشرع تفاوتا بليغا، وليست كلها في مرتبة واحدة، فمنها الكبير ومنها الصغير، ومنها الأصلي ومنها الفرعي، ومنها الأركان، ومنها المكملات، وفيها الأعلى والأدنى، والفاضل والمفضول وغير ذلك.[18]

    وفقه الأولويات يأتي للترتيب بين المصالح ليبين ما الذي ينبغي أن يكون أولا، وما الذي ينبغي أن يكون ثانيا وثالثا ورابعا، وكذلك يعمل على الترتيب بين المفاسد، فيبين ما الذي ينبغي تركه أولا وما الذي ينبغي تركه ثانيا وثالثا ورابعا، فيعرف بفقه الأولويات ما حقه التقديم وما حقه التأخير دون ترك كامل لأي من المصالح وإنما ترتيبها، ودون ارتكاب أي مفسدة وإنما ترتيبها في الدرء.[19]

    كان هذا هو المنهج الذي يمكن السير عليه في تنزيل الأحكام على الوقائع والنوازل في كافة مجالات الحياة وضمنها مجال المعاملات المالية، حتى يكون لدينا حكما شرعيا مضبوطا، وفي إطار مقاصد الشارع، فمراعاة المقاصد والاجتهاد داخل دائرتها بند من بنود الاجتهاد عامة، ولابد للفقيه والمجتهد الالتزام به أثناء العملية الاجتهادية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] مشاهد من المقاصد، عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، دار وجوه للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1433هـ/2012م، ص: 198.

[2] مقاصد الشريعة الإسلامية، الطاهر ابن عاشور، دار سحنون –تونس-، الطبعة السابعة 1437هـ/2016م، ص: 196-197-203-204-205.

[3] الاجتهاد المقاصدي حجيته ضوابطه مجالاته، نور الدين بن مختار، كتاب الأمة سلسلة دورية تصدر كل شهرين عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية –قطر-، عدد 65، جمادى الأولى 1419ه، السنة الثامنة عشر، الطبعة الأولى 1419ه/1998م، 1/39.

[4] الاجتهاد المقاصدي وأثره في مستجدات المعاملات المالية المعاصرة، إعداد عبد المطلب آرباود سهيل حوامده، بحث مقدم لمؤتمر مستجدات العلوم الشرعية في عمان/ الأردن، ص: 14.

[5] مقاصد المعاملات ومراصد الواقعات، عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، مركز الموطأ، الطبعة الخامسة 2018م، ص: 129.

[6] مسالك الاجتهاد المقاصدي في فقه الصحابة، أ.د.عبد المجيد محمد السوسوة، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، مجلد 14، عدد 4، سنة 1440ه/ 2018م، ص: 387.

[7] المقاصد الشرعية ودورها في استنباط الأحكام، د.أحمدالريسوني، مجلة المسلم المعاصر، السنة الثانية والثلاثون، العدد 128، ص: 12.

[8] الاجتهاد المقاصدي وأثره في مستجدات المعاملات المالية المعاصرة، ص: 15-16.

[9] مسالك الاجتهاد المقاصدي في فقه الصحابة، ص: 389-390.

[10] مقاصد الشريعة ودورها في استنباط الأحكام، ص: 13.

[11] مسالك الاجتهاد المقاصدي في فقه الصحابة، ص: 391-392.

[12] المقاصد الشرعية ودورها في استنباط الأحكام، ص: 28.

[13] مسالك الاجتهاد المقاصدي في فقه الصحابة، ص: 394.

[14] تفعيل مقاصد الشريعة وضوابطه في تنزيل الأحكام على النوازل والمستجدات، رفقي سابوترا، مجلة الزهراء، السنة الخامسة عشر، العدد 2، 1440ه/1984م، ص: 206.

[15] مسالك الاجتهاد المقاصدي في فقه الصحابة، ص: 396.

[16] تفعيل مقاصد الشريعة وضوابطه في تنزيل الأحكام على النوازل والمستجدات، ص: 205.

[17] مسالك الاجتهاد المقاصدي في فقه الصحابة، ص: 398.

[18] المصدر نفسه، ص: 399.

[19]  المصدر نفسه، ص: 399.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -