ترجمة إمام الحرمين أبي المعالي الجويني

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ترجمة إمام الحرمين أبي المعالي الجويني

 

  •        اسمه، كنيته، نسبته، مولده، وحياته العلمية:

    هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن عبد الله بن حيويه الجويني النيسابوري، إمام الحرمين، أبو المعالي، شيخ الإسلام، البحر الحبر، المدقق المحقق، النظار الأصولي المتكلم، البليغ الفصيح الأديب، العلَم الفرد، زينة المحققين، إمام الأئمة على الإطلاق، عجما وعربا، وصاحب الشهرة التي سارت السراة والحداة بها شرقا وغربا.[1]

    ولد في ثامن عشر من المحرم سنة تسع عشر وأربعمائة وتوفي سنة ثمانية وسبعين وأربعمائة[2]، -على أرجح الروايات-، وكانت ولادة إمام الحرمين في أسرة علمية عريقة، تتوارث العلم، ويأخذ بعضهم عن بعض، وكانت العلوم تحيط بالأسرة، مما كان له أبلغ الأثر في نشأة إمام الحرمين وتربيته وتوجيهه وتعميق ثقافته، وساعدته على تلقي العلم في وقت مبكر، والإحاطة بأولياته منذ الصغر، حيث كان أول من تأثر به الإمام هو والده الشيخ أبو محمد الجويني، الملقب بركن الإسلام، كان إماما في التفسير والفقه والأدب والعربية، وعنه أخذ إمام الحرمين الفقه والأصول والتفسير والحديث والأدب، فكانت بداية حياته العلمية من بيته.[3]

    جد واجتهد في المذهب والخلاف والأصول وغيرها، وشاع اسمه واشتهر في صباه، وضربت باسمه الأمثال، حتى صار إلى ما صار إليه، ولا يشك ذو خبرة أنه كان أعلم أهل الأرض بالكلام والأصول والفقه، وأكثرهم تحقيقا.

    توفي والده وسنه نحو العشرين، وهو مع ذلك من الأئمة المحققين، فأقعد مكانه في التدريس، فكان يدرس ثم يذهب بعد ذلك إلى مدرسة البيهقي، حتى حصّل الأصول عند أستاذه أبو القاسم الإسكاف الإسفراييني، وكان يواظب على مجلسه.[4]

  •        رحلة إمام الحرمين وخروجه من نيسابور:

   اقتصر إمام الحرمين في المرحلة الأولى من حياته على تحصيل العلم من والده وعلماء نيسابور والمدن والقرى القريبة منها، وفي هذه المرحلة تأسس إمام الحرمين على العلوم الأساسية، وتكوّن تكوينا قويا ومتينا، حتى شاع أمره وذاع صيته، وتولى التدريس مكان والده، واستمر في تلقي العلماء ومناظرتهم والاستفادة منهم، إلى أن وقعت فتنة في نيسابور أجبرت إمام الحرمين أن يترك موطنه، وأن يستقيل من أعماله الدينية وظائفه الرسمية في التدريس والخطابة والوعظ. فخرج إلى بغداد، ثم توجه إلى الحجاز، وأحرم بالحج وأدى فريضته، وزار االمدينة المنورة، وجاور عند المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، وأمّ الناس، وقام بالتدريس، وبقي هناك أربع سنوات حتى لقب بإمام الحرمين، والتقى بالعلماء واستفاد منهم كثيرا، وجمع مذهب الشافعي في كتابه، ثم عاد إلى بلده وإلى أعماله ونشاطه بعد زوال الفتنة وأسبابها[5]. فكانت هذه الرحلة خيرا على الإمام، حيث استفاد من كبار العلماء، وحصل على لقب "إمام الحرمين"، إضافة إلى تأليفه الكتاب الذي يقوم هذا العرض على جزء منه وهو كتاب "التلخيص"، حيث ذكر الزركشي في البحر المحيط أنه أملاه بمكة المكرمة.[6]

  •        وفاته وأهم مؤلفاته:

    توفي رحمه الله سنة ثمانية وسبعين وأربعمائة للهجرة، مخلّفا وراءه إرثا علميا مهما يغطي جميع العلوم الشرعية تقريبا، فقد ألّف في الفقه وأصوله وعلم الكلام والجدل والسياسة الشرعية، ومن مؤلفاته رضي الله عنه:

-       نهاية المطلب في دراية المذهب.

-       الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية.

-       البرهان في أصول الفقه.

-       الورقات.

-       الكافية في الجدل.

-       الشامل في أصول الدين.

-       الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي، تحقيق محمود الطناحي وعبد الفتاح محمد الجلو، دار إحياء الكتب العربية، 5/165.

[2] المصدر نفسه، 5/168.

[3] الإمام الجويني إمام الحرمين، محمد الزحيلي، دار القلم، الطبعة الثانية 1412هـ/1992م، ص: 47-48.

[4] طبقات الشافعية الكبرى، 5/169.

[5] الإمام الجويني إمام الحرمين، ص: 68-69.

[6] البحر المحيط في أصول الفقه، الزركشي، قام بتحريره الشيخ عبد القادر العاني، وراجعه عمر الأشقر، دار الصفوة، الطبعة الثانية 1413هـ/1992م، 1/8.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -